يُعد تحديد المُستفيد عنصرًا محوريًا في معاملات البلوك تشين، إذ يشير إلى تحديد عنوان المستلم لأصول العملات الرقمية. في بيئة البلوك تشين، يُمثَّل المُستفيد عادةً بسلسلة مستخرجة من المفتاح العام، وتعمل هذه السلسلة كنقطة نهاية لتحويل الأموال. بخلاف الأنظمة البنكية التقليدية التي تتطلب أسماء حسابات وأرقام حسابات وبيانات شخصية متعددة، تتطلب معاملات البلوك تشين فقط إدخال عنوان المستلم لإتمام الدفع. تسهم هذه البساطة في تعزيز كفاءة المعاملات وترفع من مستوى خصوصية المستخدم بدرجة ملحوظة.
يعتمد تحديد المُستفيد على تقنيات التشفير بالمفتاح العام. فعندما ينشئ المستخدم محفظة بلوك تشين، ينشئ زوج مفاتيح: مفتاحًا عامًا وآخر خاصًا. يحوّل المستخدم المفتاح العام من خلال خوارزمية تجزئة ليُنتج عنوان المستلم، بينما يتحكم المفتاح الخاص في الوصول إلى الأصول المرتبطة بذلك العنوان. هذا التصميم التشفيري غير المتناظر يضمن أن السيطرة الكاملة على الأصول تظل حصرية لحامل المفتاح الخاص المرتبط بالعنوان المقابل. وتختلف صيغ العناوين بين شبكات البلوك تشين، فعلى سبيل المثال تبدأ عناوين البيتكوين غالبًا بالرقم 1 أو 3، بينما تبدأ عناوين الإيثريوم بـ "0x" متبوعة بأربعين رمزًا سداسيًا عشريًا.
يتسم تحديد المُستفيد بعدة ميزات رئيسية. أولًا، المعاملات غير قابلة للإلغاء: فإذا تم إرسال الأموال إلى عنوان خاطئ، في الغالب لا يمكن إعادة المعاملة، ما يستدعي من المستخدمين الدقة التامة عند إدخال العناوين. ثانيًا، غياب الربط المباشر بالهوية: إذ أن عناوين البلوك تشين لا ترتبط تلقائيًا بهوية شخصية، رغم إمكانية تتبع كافة الأنشطة المتعلقة بها على الشبكة. ثالثًا، إمكانية التحقق: إذ تتبنى معظم منصات البلوك تشين آليات تحقق من صحة العناوين وصيغتها، ما يقلل من احتمالية وقوع الأخطاء. بالإضافة إلى ذلك، تدعم شبكات الجيل الجديد مثل الإيثريوم إمكانية اعتبار عناوين العقود الذكية مستفيدين، حيث يمكن لهذه العناوين استقبال الأصول وتنفيذ عمليات مبرمجة مسبقًا بناءً على شروط محددة، مما يوسع بشكل كبير من إمكانيات المُستفيدين.
ومع استمرار التطوير في تقنيات البلوك تشين، تشهد طرق تحديد المستفيدين تحسنًا ملحوظًا في سهولة الاستخدام. فقد ظهرت خدمات تسمية مثل خدمة أسماء الإيثريوم (ENS) التي تمكّن المستخدمين من ربط العناوين المعقدة بأسماء نطاقات سهلة الحفظ، مثل "example.eth". كما تتسارع جهود تقنيات الربط بين الشبكات نحو توحيد صيغ العناوين في سلاسل الكتل المختلفة، مما يمهّد الطريق لتسهيل تحويل الأصول بين الشبكات. وبالنظر إلى المستقبل، من المرجّح اعتماد أساليب جديدة لتعريف المستفيدين بالاستفادة من تقنيات القياسات الحيوية والهويات الاجتماعية وغيرها، مما يقلل العوائق التقنية ويوفّر توازنًا أفضل بين الخصوصية وسهولة الاستخدام. ورغم أن تحديد المُستفيد يُمثل ركيزة أساسية في البلوك تشين، إلا أن تطوراته ستترك أثراً بالغاً في انتشار وتبني المدفوعات المعتمدة على البلوك تشين مستقبلاً.
مشاركة